أقرّ وزير الاستخبارات الإيراني السابق، محمود علوي، في تصريحات غير مسبوقة، بالهزائم الاستخباراتية المتعددة للنظام الإيراني في مواجهة إسرائيل؛ حيث أعلن صراحة أن وزارته فشلت في التعرف على منفذي اغتيال العلماء النوويين، ولم تستطع حتى اكتشاف الطريقة، التي نُفذت بها هذه الاغتيالات.
وأكد علوي، الذي كان وزيرًا للاستخبارات الإيرانية بين عامي 2013 و2021، أن الأجهزة الأمنية فشلت في اعتقال منفذي عملية اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده، على الرغم من أن تصريحات متناقضة لاحقًا أشارت إلى صدور أحكام بالإعدام بحق أربعة من المتورطين في الحادث.
وفي حديثه بمركز وثائق الثورة الإيرانية، أقر علوي بعدم قدرة وزارة الاستخبارات على مواجهة الاختراق الإسرائيلي، قائلاً: "كنا متأخرين بنصف ساعة عن الفريق الإسرائيلي".
وتكشف هذه الاعترافات من علوي، الذي كان من أعلى المسؤولين الأمنيين في نظام طهران، عن العمق والاتساع الذي بلغه النفوذ الاستخباراتي الإسرائيلي داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية في إيران.
سرقة الأرشيف النووي
ومن الهزائم الاستخباراتية الأخرى، التي أشار إليها علوي، سرقة إسرائيل الأرشيف النووي الإيراني.
ووقعت هذه السرقة في فبراير (شباط) 2018 من مستودع في شورآباد، جنوب طهران. وبعد ثلاثة أشهر، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن العملية، زاعمًا أن الوثائق تثبت أن إيران كذبت على المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي.
وتضمنت هذه السرقة، التي نُفذت في عملية استخباراتية معقدة، نقل 55 ألف وثيقة و55 ألف ملف رقمي و183 قرصًا مدمجًا إلى إسرائيل.
وتشير التقارير إلى أن إسرائيل خططت لهذه العملية لمدة عامين، وأنها صنعت نموذجًا مشابهًا للمستودع الإيراني لتدريب الفريق، الذي نفذ العملية.
وفي البداية، أنكر المسؤولون الإيرانيون هذه السرقة، لكن القائد السابق للحرس الثوري، محسن رضائي، اعترف لاحقًا بأن الوثائق قد سُرقت، واصفًا الحادثة بأنها "إشارة إلى نفوذ استخباراتي عميق". ورغم ذلك، تراجع رضائي عن تصريحاته تحت الضغط، لكن بعد شهرين كشف رئيس الموساد الإسرائيلي آنذاك، يوسي كوهين، عن تفاصيل أكثر، قائلاً: "إن 20 شخصًا شاركوا في هذه العملية، ولم يكن أي منهم إسرائيليًا".
اعترافات أخرى بالنفوذ الإسرائيلي
اعترف كل من علي يونسي، وزير الاستخبارات في حكومة محمد خاتمي، ومحمود علوي، وزير الاستخبارات في حكومة حسن روحاني، بعمق النفوذ الإسرائيلي في إيران.
وصرح يونسي، في مقابلة، بأن "أرواح المسؤولين الإيرانيين في خطر"، وعزا هذا الاختراق إلى انعدام التنسيق بين وزارة الاستخبارات ومنظمة استخبارات الحرس الثوري.
لكن حتى بعد التغييرات الإدارية في المؤسستين، مثل عزل رئيس دائرة الاستخبارات في الحرس الثوري، حسين طائب، وقائد وحدة الحراسة الخاصة للمرشد الإيراني، إبراهيم جباري، لم يتراجع هذا النفوذ الإسرائيلي، بل تصاعد في الفترات اللاحقة.
اغتيالات جديدة
يعد اغتيال زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران أحد أبرز الأمثلة الحديثة على هذه الإخفاقات، وهو الذي كان في واحد من أكثر المواقع أمانًا في العاصمة، وذلك مباشرة بعد ادعاء وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، بأن شبكة التجسس الإسرائيلية قد تم تدميرها.